فصل: مسألة (310): المال المستفاد في أثناء الحول بابتياعٍ أو هبةٍ أو إرثٍ، لا يضمُّ إلى نصاب الحول.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


كتاب الزكاة

‏[‏مسائل في أحكام الزكاة‏]‏

مسألة ‏(‏306‏)‏‏:‏ إذا زادت الإبل على عشرين ومائة واحدةً، استقرَّت الفريضة، ففي كل خمسين حقَّةٌ، وفي كلِّ أربعين بنت لبون

وعنه‏:‏ لا يتغيَّر الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة، فيستقرُّ ما ذكرنا‏.‏

وعن مالك كالرِّوايتين‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ في مائة وعشرين حقَّتان، ويستأنف لما بعدها، فتجب في كل خمسِ شاةٌ‏.‏

لنا‏:‏ 1467- ما روى البرقانيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيليُّ قال‏:‏ أخبرني الحسن بن سفيان ثنا محمَّد بن المثنَّى ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريَّ قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ حدَّثني ثمامة أن أنسًا حدَّثه أنَّ أبا بكر الصدِّيق لمَّا استخلف أنس بن مالك على البحرين، كتب هذا الكتاب، فكتب‏:‏ هذه فريضة الصَّدقة الَّتي فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المسلمين‏:‏ في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، في كلِّ خمسٍ شاةٌ؛ فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمسٍ- وثلاثين، ففيها ابنة مخاض أنَثى، فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر؛ فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين، ففيها ابنة لبون؛ فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين، ففيها حِقَّةٌ طروقة الجمل؛ فإذا بلغت واحدًا وستين إلى خمسٍ وسبعين، ففيها جذعة؛ فإذا بلغت ستًا وسبعين إلى التسعين، ففيها ابنتا لبون؛ فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حِقَّتان طروقتا الجمل؛ فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كلِّ أربعين ابنة لبون، وفي كلِّ خمسين حِقَّة؛ ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة، وعنده حِقَّة، فإئَها تقبل منه الحِقَّة، ويجعل معها شاتين إن تيسَّرتا، أو عشرين درهمًا-؛ ومن بلغت عنده صدقةُ الحِقَّة وليست عنده حِقَّة، وعنده جذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المُصَّدق عشرين درهمًا، أو شاتين؛ ومن بلغت صدقته الِحقَّة، وعنده ابنة لبون، فإنَّها تقبل منه، ويعطي معها شاتين، أو عشرين درهمًا؛ ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده، وعنده حِقَّة، فإنَّها تقبل منه، ويعطيه المُصَدق عشرين درهمًا، أو شاتين‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريَّ‏.‏

1468- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا زياد بن أيُّوب ثنا عبَّاد بن العوَّام عن سفيان بن حسين عن الزُّهريِّ عن سالم عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب كتاب الصَدقة، فلم يخرج إلى عمَّاله حتَّى قبض، فلمَّا قبض عَمل به أبو بكر حتَّى قبض، وعمر حتَّى قبض، وكان فيه‏:‏ ‏"‏فإذا زادت على عشرين ومائة‏:‏ ففي كلِّ خمسين حِقَّة، وفي كلِّ أربعين بنتُ لبونٍ‏"‏‏.‏

وكان فيه‏:‏ ‏"‏ولا يجمع بين متفرِّق، ولا يفرِّق بين مجتمع، مخافة الصَّدقة؛ وما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بالسوية‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديث صحيحٌ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قد رواه جماعة عن الزهري عن سالم فلم يرفعوه، وما رفعه إلا سفيان بن حسين‏.‏

قلنا‏:‏ سفيان ثقة، أخرج عنه مسلم‏.‏

1469- وقد روى أبو سعيد عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏فإذا بلغت عشرين ومائة‏:‏ ففي كل خمسين حِقَّةٌ، وفي كل أربعين ابنة لبونِ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عمر‏:‏ رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم، وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حديث حسن‏.‏

وقال في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ سألت محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال‏:‏ أرجو أن يكون محفوظًا، وسفيان بن حسين صدوقٌ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ وقد وافق سفيان بن حسين على هذه الرِّواية عن سالم عن أبيه حديث الصَّدقات سليمان بن كثير، أخو محمَّد بن كثير، ثناه ابن صاعد عن يعقوب الدَّورقي عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن سليمان كذلك‏.‏

قال‏:‏ وقد رواه عن الزُّهريِّ عن سالم عن أبيه جماعةٌ فأوقفوه، وسفيان ابن حسين وسليمان بن كثير رفعاه إلى النَبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال ابن عبد البرِّ‏:‏ هو أحسن شيءٍ رُوي في أحاديث الصَّدقات‏.‏

وسفيان بن حسين‏:‏ روى له مسلمٌ في ‏"‏ مقدمة كتابه ‏"‏، وتكلَّم الحفَّاظ في روايته عن الزُّهريِّ، قال أحمد بن حنبل‏:‏ ليس بذاك في حديثه عن الزُّهريِّ‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ ثقةٌ، وهو في الزُّهريِّ ضعيف‏.‏

وقال العجليُّ وغيره‏:‏ ثقةٌ‏:‏ وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس به بأسٌ إلا في الزُّهريِّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو في غير الزُّهريِّ صالح الحديث، وفي الزُّهريِّ روى أشياء خالف النَّاس O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 1470- بما رواه أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏‏:‏ ثنا موسى بن إسماعيل قال‏:‏ قال حمَّاد بن سلمة‏:‏ قلت لقيس بن سعد‏:‏ خُذْ لي كتابَ محمَّد بن عمرو ابن حزم‏.‏

فأعطاني كتابًا أخبر أنَّه أخذه من أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتبه لجدِّه، فقرأته، فكان فيه ذكر ما يُخرج من فرائض الإبل‏.‏

فقصَّ الحديث، إلى أن بلغ عشرين ومائة‏:‏ ‏"‏فإذا كانت أكثر من عشرين ومائة، فعُد في كلِّ خمسين، حِقَّةٌ، وما فضل فإنَّه يعاد إلى أوَّل فريضة الإبل، وما كان أقلَّ من خمسِ وعشرين ففيه الغنم، في كلِّ خمسِ ذود شاةٌ‏"‏‏.‏

وقد قال أحمد بن حنبل‏:‏ كتاب عمرو بن حزم في الصَّدقات صحيحٌ‏.‏

قلت‏:‏ هذا حديثٌ مرسلٌ، ذكره أبو داود في ‏"‏ المراسيل‏"‏‏.‏

قال هبة الله الطَّبريُّ‏:‏ وهذا الكتاب صحيفة ليست بسماع، ولا يعرف أهلُ المدينة كلُّهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا، رواها الزُّهري وابن المبارك وأبو أويس كلُّهم عن أبي بكر محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدِّه مثل قولنا، وإليها أشار أحمد بالصِّحَّة‏.‏

ثُم لو تعارضت الرّوايتان عن عمرو بن حزم بقيت روايتنا عن أبي بكر الصدِّيق، وهي في ‏"‏ الصَّحيح‏"‏، وبها عمل الخلفاء الأربعة‏.‏

ز‏:‏ قال البيهقيُّ في هذا الحديث‏:‏ هو منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع، وكذلك حمَّاد بن سلمة أخذه عن كتاب لا عن سماع، وقيس بن سعد وحمَّاد بن سلمة- وإن كانا من الثقات- فروايتهما هذه تخالف رواية الحفَّاظ عن كتاب عمرو بن حزم وغيره‏.‏

وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاط لا يحتجُّون بما يخالف فيه، ويتجنَّبون ما يتفرد به عن قيس بن سعدٍ خاصة وأمثاله، وهذا الحديث قد جمع الأمرين، مع ما فيه من الانقطاع، وبالله التَّوفيق O‏.‏

مسألة ‏(‏307‏)‏‏:‏ لا زكاة في الأوقاص

وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، خلافًا لأحد قولي مالك، وأحد قولي الشَّافعي في أنَّها تتعلَّق بالنِّصاب والوقص، حتَّى أنَّه لو تلف من تسعة أربعة، وجب عند الخصم خمسة أتساع شاة‏.‏

وهذه الفائدة لا تتحقَّق عندنا، لأنَّا نقول‏:‏ لو تلف جميع المال قبل إمكان الأداء لم تسقط الزكاة، لأنَّ إمكانه ليس بشرطٍ عندنا في وجوب الزَّكاة‏.‏

1471- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا محمَّد بن عبيد الله بن المنادي ثنا أبو بدر ثنا الحسن بن عمارة ثنا الحكم عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لَمَّا بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذًا إلى اليمن، قيل له‏:‏ بما أُمرت‏؟‏ قال‏:‏ أُمرت أن آخذ من البقر‏:‏ من كلِّ ثلاثين تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسِنَّة‏.‏

قيل له‏:‏ أُمرت في الأوقاص بشيءٍ‏؟‏ فقال‏:‏ لا، وسأسْأل النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فسأله، فقال‏:‏ ‏"‏لا‏"‏‏.‏

ز‏:‏ الحسن بن عمارة‏:‏ ضعَّفوه وتركوه، وقال السَّاجيُّ‏:‏ أجمع أهل الحديث على ترك حديثه‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو إلى الضَّعف أقرب‏.‏

1472- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو سهل بن زياد ثنا جعفر بن محمَّد الفريابيُّ ثنا عمرو بن عثمان ثنا بقيَّة حدَّثني المسعوديَّ عن الحكم عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لَمَّا بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذًا إلى اليمن، أمره أن يأخذ من البقر‏:‏ من كلِّ ثلاثين تبيعًا أو تبيعة- جذعٌ أو جذعة-، ومن كلِّ أربعين بقرة بقرةً مسِنَّة‏.‏

فقالوا‏:‏ فالأوقاص‏؟‏ قال‏:‏ ما أمرني فيها بشيءٍ، وسأسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قدمت عليه‏.‏

فلمَّا قدم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله عن الأوقاص، فقال‏:‏ ‏"‏ليس فيها شيءٌ‏"‏‏.‏

وقال المسعوديَّ‏:‏ والأوقاص‏:‏ ما دون الثَّلاثين، وما بين الأربعين إلى السِّتِّين، فإذا كان ستُّون ففيها تبيعان، فإذا كانت سبعون ففيها مسِنَّة وتبيعٌ، فإذا كانت ثمانون ففيها مسنتان، فإذا كانت تسعون ففيها ثلاث تبائع، قال بقيَّة‏:‏ قال المسعوديَّ‏:‏ الأوقاص هي بالسِّين ‏(‏الأوقاس‏)‏، فلا تجعلها بصاد‏.‏

1473- وقال الشَّافعيُّ‏:‏ أنأ مالك عن حميد بن قيس عن طاوس اليماني أنَّ معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا، ومن أربعين بقرة مسِنَّةً، وأُتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئًا، وقال‏:‏ لم أسمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه شيئًا حتَّى ألقاه وأسأله‏.‏

فتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يقدم معاذ بن جبل‏.‏

1474- قال الشَّافعيُّ‏:‏ وأنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس أنَّ معاذ بن جبل أُتي بوقس البقر، فقال‏:‏ لم يأمرني النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه بشيءٍ‏.‏

قال الشَّافعيُّ‏:‏ والوقس‏:‏ ما لم يبلغ الفريضة O‏.‏

1475- وقال أحمد‏:‏ ثنا معاوية بن عمرو عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أنَّ معاذًا قال‏:‏ بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصَدّق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر‏:‏ من كلِّ ثلاثين تبيعًا، ومن كل أربعين مُسِنَّةً‏.‏

قال‏:‏ فعرضوا عَلَيَّ أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين، وبين السِّتِّين والسبعين، فأبيت ذلك، وقلت لهم‏:‏ حتَّى أسأل رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فقدمت، فأخبرت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن لا آخذ ما بين ذلك، وزعم أنَّ الأوقاص لا فريضة فيها‏.‏

1476- قال أبو عبيد‏:‏ وكان في كتاب رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمرو بن حزم‏:‏ ‏"‏فإذا بلفت الإبل عشرين ومائة، فليس فيما زاد فيما دون العشر شيءٌ‏"‏‏.‏

1477- وقد روى القاضي أبو يعلى وأبو إسحاق الشِّيرازيُّ في ‏"‏ كتابيهما ‏"‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏في خمس من الإبل‏:‏ شاةٌ، ولا شيء في الزّيادة‏"‏ حتَّى تبلغ عشرًا‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث يحيى بن الحكم عن معاذ فيه إرسالٌ، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة‏.‏

وسلمة بن أسامة ويحيى‏:‏ غير مشهورين، ولم يذكرهما ابن أبي حاتم في ‏"‏كتابه‏"‏‏.‏

وقد اختصر المؤلِّف لفظ الحديث، وأسقط من الإسناد رجلاً، فإنَّ الإمام أحمد رواه مطوَّلاً عن شيخين‏:‏ أحدهما‏:‏ معاوية بن عمرو، والآخر هارون بن معروف، كلاهما عن عبد الله بن وهب عن حيوة- وهو ابن شريح المصريُّ-، فأسقط المؤلِّف ‏(‏ابن وهب‏)‏ من الإسناد، لأمرٍ ذكره الإمام أحمد يشتبه على من لم يتبحَّر في العلم، واختصر الحديث، وذكره عن أحد الشَّيخين وهو ‏[‏معاوية‏]‏ بن عمرو، مع أنَّ بعض الألفاظ الَّتي ذكرها من رواية هارون بن معروف وحده، والله الموفِّق للصَّواب‏.‏

وقوله في الحديث‏:‏ ‏(‏فقدمت فأخبرت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏)‏ ليس بصحيحٍ، فإنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفِّي قبل أن يقدم معاذ بن جبل، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏308‏)‏‏:‏ إذا أخرج حاملاً أو سِنًّا أعلى مكان أدنى أجزأه‏.‏

وقال داود‏:‏ لا يجزئ‏.‏

1478- قال أحمد‏:‏ ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمَّد بن إسحاق ثنا عبد الله ابن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرَّحمن عن عمارة بن عمرو بن حزم عن أُبيِّ بن كعب قال‏:‏ بعثني رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصدِّقًا، فمررت برجلٍ، فلم أجد عليه في ماله إلا ابنة مخاض، فأخبرته أنها صدقته، فقال‏:‏ ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وما كنت لأقرض الله تعال من مالي ما لا لبن فيه ولا ظهر‏!‏ ولكن هذه ناقةٌ سمينةٌ فخذها‏.‏

فقلت‏:‏ ما أنا بآخذٍ ما لم أومر به، فهذا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منك قريبٌ‏.‏

فخرج معي، وخرج بالنَّاقة، حتَّى قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره الخبر، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ذاك الذي عليك، وإن تطوَّعت بخيرٍ قبلناه منك، وآجرك الله فيه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فخذها‏.‏

فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبضها، ودعا له بالبركة‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن محمَّد بن منصور الطُّوسيِّ عن يعقوب بن إبراهيم ابن سعد ورواه أبو حاتم بن حِبَّان البستيُّ والحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ وقال‏:‏ على شرط مسلمٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏309‏)‏‏:‏ لا يجب فيما زاد على الأربعين من البقر شيءٌ حتَّى يبلغ ستِّين‏.‏

وعن أبي حنيفة‏:‏ يجب فيها بالحساب؛ وعنه‏:‏ لا شيء فيها حتَّى تبلغ خمسين، فتجب مُسِنَّةٌ وربعٌ‏.‏

لنا‏:‏ حديث معاذ الَّذي تقدَّم، وأنَّه لم يأخذ من الأوقاص شيئًا‏.‏

مسألة ‏(‏310‏)‏‏:‏ المال المستفاد في أثناء الحول بابتياعٍ أو هبةٍ أو إرثٍ، لا يضمُّ إلى نصاب الحول‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ المستفاد من جنس النِّصاب، يضمُّ إلى النِّصاب في حكم الحول‏.‏

وعن مالك كالمذهبين‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 1479- الحديث الأوَّل‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا يحيى بن موسى ثنا هارون ابن صالح الطَّلحيُّ ثنا عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من استفاد مالاً فلا زكاة عليه، حتَّى يحول عليه الحول‏"‏‏.‏

عبد الرَّحمن بن زيدٍ قد ضعَّفه الكلُّ، وقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنينيُّ عن مالك عن نافع عن ابن عمر‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ والصَّحيح عن مالك موقوفٌ‏.‏

قلت‏:‏ والحنينيُّ ليس بمرضيٍّ عندهم‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ وقد روي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر، وهو أصحُّ‏.‏

ز‏:‏ رواه التِّرمذيُّ موقوفًا عن ابن بشَّار عن الثَّقفيَّ عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر‏.‏

ورفعُه وهمٌ، والله أعلم O‏.‏

1480- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسن بن أحمد بن صالح الحلبيُّ ثنا سعيد بن عثمان الورَّاق ثنا هشام بن عبد الملك ثنا بقيَّة عن إسماعيل عن ‏[‏عبيد الله‏]‏ بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا زكاة في مال امرئ حتَّى يحول عليه الحول‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ قد رواه معتمر وغيره موقوفًا‏.‏

ز‏:‏ إسماعيل هو‏:‏ ابن عيَّاش، وهو ضعيفٌ في روايته عن غير الشَّاميين‏.‏

1481- وروى البيهقيُّ من رواية ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ ليس في مالٍ زكاةٌ حتَّى يحول عليه الحول‏.‏

وقال‏:‏ هذا هو الصَّحيح موقوفٌ، ورواه بقيَّة عن إسماعيل بن عيَّاش عن عبيد الله بن عمر مرفوعًا، وليس بصحيحٍ O‏.‏

1482- الحديث الثَالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا الحسن بن الخضر المعدّل ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا محمَّد بن سليمان الأسديُّ ثنا حسَّان ابن سياه عن ثابت عن أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عله الحول‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حسَّان ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ حسَّان‏:‏ ضعَّفه ابن عَدِيٍّ وابن حِبَّان والحاكم أيضًا‏.‏

وروى ابن عَدِيٍّ هذا الحديث في ترجمته عن إسحاق بن إبراهيم بن يونس وغير واحدٍ عن لُوَين- وهو محمَّد بن سليمان-، وقال‏:‏ وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن ثابت غير حسَّان بن سياه O‏.‏

1483- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا عليُّ بن محمَّد الجواربيُّ ثنا إسحاق بن منصور ثنا هريم عن حارثة عن عَمرة عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في المال زكاةٌ حتَّى يحول عليه الحول‏"‏‏.‏

حارثة ضعيفٌ جدًا، قال أحمد بن حنبل‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بثقةٍ، لا يكتب حديثه‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث ابن ماجة عن نصر بن عليِّ الجهضميِّ عن أبي بدر شجاع بن الوليد السكوني عن حارثة بن محمَّد‏.‏

1484- وروى الثَّوريُّ عن حارثة عن عمرة عن عائشة موقوفًا‏:‏ ليس في مالٍ مستفادٍ زكاةٌ، حتَّى يحول عليه الحول‏.‏

وهذا أصحُّ من المرفوع‏.‏

1485- وروى أبو داود‏:‏ ثنا سليمان بن داود المَهْريُّ أنا ابن وهبٍ قال‏:‏ أخبرني جرير بن حازم- وسمَّى آخر- عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن عليٍّ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيءٌ- يعني في الذَّهب- حتَّى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كانت لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك- قال‏:‏ فلا أدري أعليٌّ يقول‏:‏ ‏(‏فبحساب ذلك‏)‏ أو رفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏- وليس في مالٍ زكاةٌ حتَّى يحول عليه الحول‏"‏‏.‏

إلا أنَّ جريرًا قال‏:‏ ابن وهبٍ يزيد في الحديث عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في مالٍ زكاةٌ، حتَّى يحول عليه الحول‏"‏‏.‏

كذا أخرجه أبو داود، وقال‏:‏ رواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق ولم يرفعوه‏.‏

1486- وقال الشَّافعيُّ‏:‏ أنا مالك عن ابن عقبة عن القاسم بن محمَّد قال‏:‏ لم يكن أبو بكر رضي الله عنه يأخذ من مالٍ زكاةً حتَّى يحول عليه الحول‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ الاعتماد في هذا على الآثار الصَّحيحة، فيه‏:‏ عن أبي بكر الصدِّيق، وعثمان بن عفَّان، وعبد الله بن عمر، وغيرهم رضي الله عنهم O‏.‏

مسألة ‏(‏311‏)‏‏:‏ تجب الزَّكاة في صغار النَّعم إذا انفردت وبلغت نصابًا، ويخرج منها سواء ابتدأ ملكها من أوَّل الحول، أو نتجت عنده وهلكت الأمَّهات قبل الحول، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ وأبي يوسف وزفر، إلا أنَّ مالكًا وزفر يقولان‏:‏ تجب فيها كبيرة من جنسها‏.‏

وعن أحمد‏:‏ لا تجب، وهو قول أبي حنيفة‏.‏

لنا‏:‏ 1487- ما روى الإمام أحمد‏:‏ ثنا أبو اليمان عن شعيب عن الزُّهريِّ قال‏:‏ حدَّثني عبيد الله بن عبد الله أنَّ أبا هريرة قال‏:‏ لَمَّا توفِّي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستُخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال قائلٌ لأبي بكر‏:‏ كيف تقاتل النَّاس وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمرت أن أقاتل الناس حتَّى يقولوا‏:‏ لا إله إلا الله‏"‏‏.‏

فقال أبو بكر‏:‏ والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقاتلتهم عليها‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

أمَّا حجَّتهم‏:‏ 1488- قال أحمد‏:‏ ثنا هشيم ثنا هلال بن خبَّاب عن ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة قال‏:‏ أتانا مصدِّق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلست إلى جنبه‏.‏

قال‏:‏ فسمعته يقول‏:‏ إنَّ في عهدي أن لا آخذ من راضعِ لبنٍ شيئًا‏.‏

وأتاه رجلٌ بناقةٍ كوماء، فقال‏:‏ خذ هذه‏.‏

فأبى أن يأخذها‏.‏

1489- قالوا‏:‏ وقد روى الشَّعبيُّ أنَّ النَّبيَّ قال‏:‏ ‏"‏لا زكاة في السِّخال‏"‏‏.‏

1490- وروى أبو عبيد أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في الكُسعة صدقةٌ‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ وهي صغار الغنم‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا حديث سويد‏:‏ ففيه هلال بن خبَّاب وهو ضعيفٌ، قال أبو حاتم ابن حِبَّان‏:‏ اختلط في آخر عمره، وكان يحدِّث بالشيء على التَّوهُّم، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد‏.‏

والكوماء‏:‏ المشرفة السَّنام‏.‏

وأمَّا حديث الشَّعبيِّ‏:‏ فمرسلٌ، ثُمَّ إنَّ راويه جابر الجُعفيَّ، وقد كذَبوه‏.‏

وأمَّا الكُسعة‏:‏ فقال أبو عبيد‏:‏ هي الحمير، سمِّيت كُسعةً لأنَّها تكسع في أدبارها‏.‏

وقال ابن الأعرابي‏:‏ الكُسعة‏:‏ الرَّقيق، لأَنك تكسعها في طلب حاجتك‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ هي العوامل من الإبل‏.‏

فأمَّا تفسيرهم فلا يعرف‏.‏

ز‏:‏ هلال بن خبَّاب‏:‏ وثَّقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم الرَّازيُّ وغيرهم، وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ يخطئ، ويخالف‏.‏

وذكره أيضًا في كتاب ‏"‏ الضُّعفاء ‏"‏ كما ذكره المؤلِّف، وهكذا يفعل ابن حِبَّان كثيرًا، يدخل الرَّجل في كتابيه ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ و‏"‏الضعفاء‏"‏‏!‏ وميسرة أبو صالح‏:‏ كوفيٌّ، روى عنه غير واحد، ولا نعلم أحدًا تكلَّم فيه، بل ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات‏"‏‏.‏

وقد روى الحديث أبو داود عن مسدَّد عن أبي عوانة عن هلال بن خَبَّاب، ورواه النَّسائيُّ عن هنَّاد بن السَّري عن هُشيم O‏.‏

مسألة ‏(‏312‏)‏‏:‏ تجزئ الجذعة من الضَّأن، والثَّنِيُّ من المعز‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجزئ إلا الثَّنيُّ فيهما‏.‏

وقال مالك‏:‏ يجزئ الجذع فيهما‏.‏

1491- قال أحمد‏:‏ ثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني عمرو ابن أبي سفيان عن مسلم بن شعبة عن سِعْر قال‏:‏ جاءني رجلان مرتدفان، فقالا‏:‏ إنَّا رسولا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعثنا إليك لتؤتينا صدقة غنمك‏.‏

قلت‏:‏ وما هي‏؟‏ قالا‏:‏ شاةٌ‏.‏

فعمدت إلى شاةٍ ممتلئة محاضًا وشحمًا، فقالا‏:‏ هذه شافعٌ، وقد نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نأخذ شافعًا- والشَّافع‏:‏ الَّتي في بطنها ولدها-‏.‏

قلت‏:‏ فأيُّ شيءٍ تأخذان‏؟‏ قالا‏:‏ عناقًا‏:‏ جذعة أو ثنيَّة‏.‏

فأخرجت إليهما عناقًا، فتناولاها‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو داود عن الحسن بن عليٍّ عن وكيع عن زكريا ابن إسحاق المكيِّ عن عمرو بن أبي سفيان الجُمَحيِّ عن مسلم بن ثَفِنة البكريِّ، وعن محمَّد بن يونس النَّسائيِّ عن روح عن زكريا بن إسحاق وقال‏:‏ ‏(‏مسلم بن شعبة‏)‏‏.‏

قال أبو داود‏:‏ أبو عاصم رواه عن زكريا قال أيضًا‏:‏ ‏(‏مسلم بن شعبة‏)‏، كما قال روح‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن عبد الله بن المبارك عن وكيع، وعن هارون بن عبد الله عن روح‏.‏

وقال‏:‏ لا أعلم أحدًا تابع وكيعًا في قوله‏:‏ ‏(‏ابن ثَفِنة‏)‏‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ إنَّما هو مسلم بن شعبة، أخطأ فيه وكيع، ثناه روح فقال‏:‏ ‏(‏مسلم بن شعبة‏)‏‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ‏(‏مسلم بن ثَفِنة‏)‏ قاله وكيع ووهم، والصَّواب ‏(‏مسلم بن شعبة‏)‏‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ الصَّواب ‏(‏مسلم بن شعبة‏)‏ قاله يحيى بن معين وغيره من الحفاظ O‏.‏

مسألة ‏(‏313‏)‏‏:‏ للخلطة تأثير في الزَّكاة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تأثير لها‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث أنس‏:‏ أنَّ أبا بكر كتب له فريضة الصَّدقة، وفيها‏:‏ وما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بينهما بالسَّويَّة‏.‏

والثَّاني‏:‏ حديث ابن عمر، وفيه ذكر التَّفريق والخليطين‏.‏

وقد سبقا بإسنادهما‏.‏

1492- والثَّالث‏:‏ رواه الدَّارَقُطْنيُّ‏:‏ ثنا البغويُّ ثنا داود بن رُشيد ثنا الوليد عن ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد عن السَّائب بن يزيد عن سعد بن أبي وقَّاص قال‏:‏ قال رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يفرَّق بين مجتمعٍ، ولا يجمع بين متفرِّق، والخليطان ما اجتمعا على‏:‏ الحوض، والرَّاعي، والفحل‏"‏‏.‏

1493- والرَّابع‏:‏ رواه أبو داود من حديث سُويد بن غَفَلَة قال‏:‏ أتانا مُصَدِّق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقرأت في عهده‏:‏ ‏"‏ولا يُجمع بين متفرِّق، ولا يُفرق بين مجتمع، خشية الصَّدقة‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏314‏)‏‏:‏ تجب الزَّكاة في مال الصَّبي والمجنون‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تجب‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 1494- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عليُّ بن محمَّد بن أحمد المصريُّ ثنا الحسن بن غُليب الأزديُّ ثنا يحيى بن أيُّوب عن المثنَّى بن الصَّبَّاح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فخطب النَّاس، فقال‏:‏ ‏"‏من ولي يتيمًا له مال فليتَّجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة‏"‏‏.‏

1495- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُ‏:‏ وثنا ابن صاعد ثنا أحمد بن عبيد بن إسحاق العطََّار ثنا أبي ثنا مندل عن أبي إسحاق الشَّيبانيِّ عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏احفظوا اليتامى في أموالهم، لا تأكلها الزَّكاة‏"‏‏.‏

1496- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمَّد بن الحسن بن عليٍّ البزَّار ثنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطَّان ثنا أيُّوب بن محمَّد الوزَّان ثنا رواد بن الجراح ثنا محمَّد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏في مال اليتيم زكاةٌ‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ ففيه المثنَّى بن الصَّبَّاح، قال أحمد‏:‏ لا يساوي شيئًا‏.‏

وأمَّا الثَّاني‏:‏ ففيه مندل، قال ابن حِبَّان‏:‏ كان يرفع المراسيل، ويسند الموقوفات من سوء حفظه، فلمَّا فحش ذلك منه استحقَّ التَّرك‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ الصَّحيح أنَّه من كلام عمر‏.‏

وأمَّا الثَّالث‏:‏ ففيه محمَّد بن عبيد الله العرزميُّ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ كان ضعيفًا‏.‏

ثُمَّ إنَّ أحاديث عمرو عن أبيه عن جدِّه في الجملة ضعافٌ، قال يحيى بن سعيد‏:‏ حديث عمرو واهٍ عندنا‏.‏

وقال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ‏:‏ لا يجوز الاحتجاج عندي بما رواه عمرو عن أبيه عن جدِّه، لأنَّ هذا الإسناد لا يخلو من أن يكون مرسلاً أو منقطعًا، لأنه عمرو بن شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فإذا روى عن أبيه عن جدِّه فأراد بجدِّه محمَّدًا، فمحمدٌ لا صحبة له؛ وإن أراد عبد الله، فأبوه شعيب لم يلق عبد الله؛ والمنقطع والمرسل لا تقوم بهما حجَّةٌ، لأنَّ الله تعالى لم يكلِّف عباده أخذ الدِّين عن من لا يعرف‏.‏

قلنا‏:‏ أمَّا المثنَّى‏:‏ فقد قال يحيى بن معين‏:‏ يكتب حديثه، ولا يترك‏.‏

وقال يحيى بن سعيد‏:‏ اختلط في عطاء‏.‏

وهذا يدلُّ على أنَّ اختلاطه في الإسناد في شخصٍ واحدٍ‏.‏

وأمَّا مَنْدل‏:‏ فقال يحيى بن معين‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ هو عابدٌ ورعٌ‏.‏

ثُمَّ لو صحَّ أنَّه موقوفٌ على عمر، فإنَّ عمر لا يقول مثل هذا برأيه‏.‏

وأمَّا العرزميُّ‏:‏ فقد روى عنه سفيان وشعبة وشريك، وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان صدوقًا، إلا أنَّ كتبه ذهبت، فكأن يحدِّث من حفظه فيهم‏.‏

وأمَّا حديث عمرو بن شعيب‏:‏ فإنَّهم لا يختلفون في توثيق عمرو، قال ابن راهويه‏:‏ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، كأيُّوب عن نافع عن ابن عمر‏.‏

وقال البخاريّ‏:‏ رأيت أحمد بن حنبل وعليَّ بن عبد الله وابن راهويه والحميديَّ يحتجُّون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه، فمن النَّاس بعدهم‏؟‏‏!‏‏.‏

وأمَّا قول ابن حِبَّان‏:‏ ‏(‏لم يصحَّ سماع شعيب من جدِّه عبد الله‏)‏، فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو خطأٌ، وقد روى عبيد الله بن عمر العمريُّ- وهو من الأئمة العدول- عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال‏:‏ كنت جالسًا عند عبد الله بن عمرو، فجاء رجلٌ فاستفتاه في مسألة، فقال لي‏:‏ يا شعيب، امض معه إلى ابن عبَّاس‏.‏

فقد صحَّ بهذا سماع شعيب من جدِّه عبد الله‏.‏

وقد أثبت سماعه منه أحمد بن حنبل وغيره‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ جدُّه الأدنى‏:‏ محمَّد- ولم يدرك رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وجدُّه الأعلى‏:‏ عمرو بن العاص- ولم يدركه شعيب-، وجدُّه الأوسط‏:‏ عبد الله- وقد أدركه-، فإذا لم يسمِّ جدَّه احتمل أن يكون محمَّدًا، واحتمل أن يكون عمروًا، فيكون في الحالين مرسلاً؛ واحتمل أن يكون عبد الله الَّذي أدركه، فلا يصحُّ الحديث ويسلم من الإرسال إلا أن يقول فيه‏:‏ عن جدِّه عبد الله بن عمرو‏.‏

قلت‏:‏ والحديث الَّذي احتججنا به قد سمَّى فيه جدَّه ‏(‏عبد الله‏)‏، فسلم من الإرسال، على أنَّ المرسل عندنا حجَّةٌ‏.‏

ز‏:‏ هذه الأحاديث الثَّلاثة ضعافٌ لا تقوم بها حجَّةٌ‏.‏

والحديث الأوَّل‏:‏ رواه التِّرمذيُّ عن محمَّد بن إسماعيل عن إبراهيم بن موسى عن الوليد بن مسلم عن المثنَّى بن الصَّبَّاح، وقال‏:‏ في إسناده مقالٌ، لأنَّ المثنَّى يضعَّف في الحديث‏.‏

1497- وقد روى الشَّافعيُّ عن عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف ابن ماهك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ابتغوا في مال اليتيم- أو في مال اليتامى-، لا تذهبها- أو لا تستهلكها- الصدقة‏"‏‏.‏

هذا مرسلٌ‏.‏

1498- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهَّاب ثنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيَّب أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال‏:‏ ابتغوا بأموال اليتامى، لا تأكلها الصَّدقة‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هذا إسنادٌ صحيحٌ، وله شواهد عن عمر رضي الله عنه‏:‏ 1499- أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا الحسن بن مكرم ثنا يزيد بن هارون ثنا شعبة عن حميد بن هلال قال‏:‏ سمعت أبا محجن- أو ابن محجن- ‏(‏وكان خادمًا لعثمان بن أبي العاص‏)‏ قال‏:‏ قدم عثمان ابن أبي العاص على عمر بن الخطََّاب رضي الله عنه،فقال له عمر رضي الله عنه‏:‏ كيف متجر أرضك‏؟‏ فإنَّ عندي مال يتيم قد كادت الزَّكاة أن تفنيه‏.‏

قال‏:‏ فدفعه إليه‏.‏

كذا في هذه الرِّواية، ورواه معاوية بن قُرَّة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر، وكلاهما محفوظٌ‏.‏

ورواه الشَّافعيُّ من حديث عمرو بن دينار وابن سيرين عن عمر مرسلاً‏.‏

1500- وقال يعقوب بن سفيان‏:‏ ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بعض ولد أبي رافع قال‏:‏ كان عليٌّ رضي الله عنه يزكِّي أموالنا ونحن يتامى‏.‏

1501- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن مخلد ثنا بشر بن مطر ثنا يزيد ابن هارون أنا أشعث عن حبيب بن أبي ثابت عن صلت المكيِّ عن أبي رافع أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أقطع أبا رافع أرضًا، فلمَّا مات أبو رافع باعها عمر رضي الله عنه بثمانين ألفًا، فدفعها إلى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان يزكِّيها، فلمَّا قبضها ولد أبي رافع عدّوا مالهم فوجدوها ناقصة، فأتوا عليًّا رضي الله عنه، فأخبروه، فقال‏:‏ أحسبتم زكاتها‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فحسبوا زكاتها فوجدوها سواء‏.‏

فقال عليٌّ‏:‏ أكنتم ترون يكون عندي مالٌ لا أؤدِّي زكاته‏؟‏‏!‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ رواه حسن بن صالح وجرير بن عبد الحميد عن أشعث وقالا‏:‏ عن ابن أبي رافع، وهو الصَّواب‏.‏

1502- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن مخلد ثنا عليُّ بن سهل بن المغيرة ثنا محمَّد بن سعيد الأصبهانيُّ ثنا شريك عن أبي اليقظان عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أن عليًّا رضي الله عنه زكَّى أموال بني أبي رافع، قال‏:‏ فلمَّا دفعها إليهم وجدوها بنقص، فقالوا‏:‏ إنَّا وجدناها بنقص‏!‏ فقال عليٌّ رضي الله عنه‏:‏ أترون أنَّه يكون عندي مالٌ لا أزكِّيه‏؟‏‏!‏

1503- وقال الشَّافعيُّ‏:‏ أنا مالك عن عبد الرَّحمن بن القاسم عن أبيه قال‏:‏ كانت عائشة رضي الله عنها تليني وأخًا لي يتيمٌ في حجرها، وكانت تخرج من أموالنا الزَّكاة‏.‏

1504- قال الشَّافعيُّ‏:‏ وثنا سفيان عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّه كان يزكِّي مال اليتيم‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وروي ذلك عن الحسن بن عليٍّ وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما‏.‏

1505- فأمَّا ما أخبرنا عليُّ بن محمَّد بن عبد الله بن بشران أنا إسماعيل ابن محمَّد الصَّفَّار ثنا سعدان بن نصر ثنا مُعَمَّر بن سليمان عن عبد الله بن بشر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن مسعود قال‏:‏ من ولي مال يتيمٍ فليحص عليه السِّنين، فإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزَّكاة، فان شاء زكَّى، وإن شاء ترك‏.‏

وكذلك رواه ابن عليَّة وغيره عن ليث‏.‏

وقد أبناه أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب أنا الرَّبيع بن سليمان قال‏:‏ قال الشَّافعيُّ رحمه الله في مناظرةٍ جرت بينه وبن من خالفه، وجوابه عن هذا الأثر‏:‏ مع أنَّك تزعم أنَّ هذا ليس بثابتٍ عن ابن مسعود من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنَّه منطقعٌ، وأنَّ الَّذي رواه ليس بحافظٍ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وجهة انقطاعه أنَّ مجاهدًا لم يدرك ابن مسعود، ورواية الَّذي ليس بحافظٍ هو ليث بن أبي سليم، وقد ضعَّفه أهل العلم بالحديث‏.‏

وروي عن ابن عبَّاس إلا أنَّه ينفرد بإسناده ابن لهيعة، وابن لهيعة لا يحتجُّ به، والله أعلم‏.‏

وقال المَرُّوذِيُّ‏:‏ قال أبو عبد الله‏:‏ عن خمسةٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهم يزكُّون مال اليتيم‏.‏

وقال مُهَنَّا‏:‏ سألت أحمد عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏اتَّجروا بأموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة ‏"‏‏؟‏ فقال‏:‏ ليس بصحيحٍ، هذا يرويه المثنَّى بن الصَّبَّاح عن عمرو O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 1506- بما روى أحمد‏:‏ ثنا عفَّان ثنا حمَّاد عن حمَّاد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏رفع القلم عن ثلاثة‏:‏ عن النَّائم حتَّى يستيقظ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلم، وعن المجنون حتَّى يعقل‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّ المراد به قلم الإثم، أو قلم الأداء‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو داود وابن ماجة والنَّسائيُّ والحاكم وقال‏:‏ على شرط مسلمٍ‏.‏

وهو من رواية حمَّاد بن سلمة عن حمَّاد أيضًا- وهو ابن أبي سليمان-، وقد روى له مسلمٌ مقرونًا بغيره، ووثَّقه يحيى بن معين والعجليُّ والنَّسائيُّ وغيرهم، وتكلَّم فيه الأعمش ومحمَّد بن سعدٍ وغيرهما‏.‏

وقد روي هذا الحديث من غير رواية عائشة، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏315‏)‏‏:‏ لا يجوز إخراج القيم في الزَّكاة، وهو قول مالك والشَّافعيِّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز، وعن أحمد نحوه‏.‏

لنا حديثان‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث الصَّدقة المتقدِّم‏:‏ ‏"‏في كلُّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض‏"‏‏.‏

1507- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا الرَّبيع بن سليمان ثنا ابن وهبٍ قال‏:‏ حدَّثني سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه إلى اليمن، فقال‏:‏ ‏"‏خذ الحبَّ من الحبَّ، والشَّاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقَرة من البقَر‏.‏

‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن الرَّبيع بن سليمان، ورواه ابن ماجة عن عمرو ابن سوَّاد المصريِّ، كلاهما عن ابن وهبٍ‏.‏

ورواه الحاكم وقال‏:‏ على شرطهما إن صحَّ سماع عطاء من معاذ، فإنِّي لا أتقنه‏.‏

كذا قال، وعطاء لم يسمع معاذًا، ولم يلقه O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث الصَّدقة المتقدِّم، وفيه‏:‏ ‏"‏ومن بلغت صدقته الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حِقَّة، فإنَّها تقبل منه الحِقَّة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهمًا؛ ومن بلغت صدت الحِقَّة، وليست عنده الحِقَّة، وعنده الجذعة، فإنَّها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المُصدِّق عشرين درهمًا، أو شاتين‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا يدلُّ على التَّعادل في القيمة‏.‏

وجواب هذا‏:‏ أن يقال‏:‏ ليس ‏[‏هذا على‏]‏ وجه القيمة، إنَّما هي أصول، بدليل أنَّ القيمة تختلفُ بالأزمنة والأمكنة، فقدَّر الشَّرع شيئًا يزيل الاختلاف‏.‏

1508- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عتاب بن زياد ثنا ابن المبارك أنا مجالد بن سعيد عن قيس بن أبي حازم عن الصُّنابحيِّ قال‏:‏ رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إبل الصَّدقة ناقةً مسنَّةً، فغضب، وقال‏:‏ ‏"‏ما هذه‏؟‏ ‏"‏ فقال‏:‏ يا رسول الله، ارتجعتها ببعيرين من حاشية الصَّدقة‏.‏

فسكت‏.‏

قالوا‏:‏ والارتجاع‏:‏ أن يأخذ سننًا مكان سنٍّ‏.‏

كذلك فسَّره أبو عبيد، فقال‏:‏ إذا وجبت على ربِّ المال أسنانٌ من الإبل، فأخذ المصدِّق مكانها أسنانًا فوقها أو دونها، فتلك الَّذي أخذ رِجعةٌ- بكسر الرَّاء-، لأنَّه ارتجعها من الَّتي وجبت على ربِّها‏.‏

وجواب هذا الحديث‏:‏ أنَّه مرسلٌ، ثُمَّ هو محمولٌ على أنَّه لمَّا قبضها اشترى بها من ربِّ المال، وذلك يسمَّى ‏(‏ارتجاعًا‏)‏ أيضًا، وقد قال أبو عبيد‏:‏ الارتجاع‏:‏ أن يَقدُم الرَّجُل المصر بإبله ويبيعها، ويشتري بثمنها مثلها أو غيرها‏.‏

ز‏:‏ قال التِّرمذيُّ في هذا الحديث‏:‏ سألت البخاريَّ عنه فقال‏:‏ روى هذا الحديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في إبل الصَّدقة‏.‏

مرسلاً‏.‏

وضعَّف مجالدًا O‏.‏

1509- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو روق الهزانيُّ ثنا أحمد ابن روح ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة وعمرو بن دينار عن طاوس قال‏:‏ قال معاذ بن جبل لأهل اليمن‏:‏ ائتوني بخميسٍ أو لبيسٍ آخذه منكم في الصَّدقة، فهو أهون عليكم، وخيرٌ للمهاجرين بالمدينة‏.‏

وجوابه من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنَّ هذا مرسلٌ، وطاوس لم يلق معاذًا، قاله الدَّارَقُطْنِيُّ‏.‏

والثَّاني‏:‏ أنَّه محمولٌ على الجزية، لأنَّ مذهب معاذ لا يجوز نقل الزَّكة من بلدٍ إلى بلدٍ، وإنَّما سمَّاها صدقة تجوُّزًا، يدلُّ عليه‏:‏ 1510- ما روى أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر والثَّوريُّ عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال‏:‏ بعثه النَّبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كلِّ ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة، ومن كلِّ أربعين مسنَّة، ومن كلِّ حالمٍ دينارًا أو عدله معافر‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو داود، والتِّرمذيُّ وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ، وابن ماجة، والنَّسائيُّ، والحاكم وقال‏:‏ على شرطهما‏.‏

وقال الإسماعيليُّ‏:‏ حديث طاوس عن معاذ إذا كان مرسلاً فلا حجَّة فيه، وقد قال فيه بعضهم‏:‏ ‏(‏من الجزية‏)‏ بدل ‏(‏الصَّدقة‏)‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هذا هو الأليق بمعاذ، والأشبه بما أمره النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أخذ الجنس في الصَّدقات، وأخذ الدينار أو عدله معافر- ثيابٌ باليمن- في الجزية، وأن يرد الصَّدقات على فقرائهم لا أن ينقلها إلى المهاجرين بالمدينة، الَّذين أكثرهم أهل فيءٍ لا أهل صدقةٍ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏316‏)‏‏:‏ لا زكاة في الخيل‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تجب‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏

1511- الحديث الأوَّل‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب ثنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن عليِّ بن أبي طالب قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرَّقيق، فهاتوا صدقة الرِّقَّة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الإمام أحمد وأبو داود والنِّسائيُّ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ روى هذا الحديث الأعمش عن أبي إسحاق كما قال أبو عوانة، ورواه شيبان أبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ سألت محمَّدًا عن هذا الحديث، فقال‏:‏ كلاهما عندي صحيحٌ عن أبي إسحاق، يحتمل أن يكون روى عنهما O‏.‏

1512- الحديث الثَّاني‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ وثنا أبو كريب ومحمود بن غيلان قالا‏:‏ ثنا وكيع عن سفيان وشعبة عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عِرَاك بن مالك عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقةٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ عن عبد الله بن دينار O‏.‏

1513- طريقٌ آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن أيُّوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقةٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن عمرو النَّاقد وزهير بن حرب عن سفيان بن عيينة، وقال فيه‏:‏ ‏(‏عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

ورواه النَّسائيُّ من رواية إسماعيل بن أميَّة عن مكحول عن عراك، ولم يذكر سليمان بن يسار O‏.‏

1514- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أحمد بن الحارث البصريُّ ثنا الصَّقر بن حبيب قال‏:‏ سمعت أبا رجاء العطارديَّ يحدِّث عن ابن عبَّاس عن عليّ بن أبي طالب أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في العوامل صدقةٌ، ولا في الجبهة صدقةٌ‏"‏‏.‏

قال الصَّقر‏:‏ الجبهة‏:‏ الخيل والبغال والعبيد‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ الجبهة‏:‏ الخيل‏.‏

الصَّقر‏:‏ ضعيفٌ، قال ابن حِبَّان‏:‏ ليس هو من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما يعرف بإسنادٍ منقطع، فقلبه الصَّقر على أبي رجاء، وهو يأتي بالمقلوبات‏.‏

ز‏:‏ أبو حاتم بن حِبَّان يسمي هذا الشَّيخ‏:‏ ‏(‏الصَّعق بن حبيب‏)‏، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ إنَّما هو الصَّقر بن حبيب‏.‏

وأحمد بن الحارث الرَّاوي عنه‏:‏ هو الغسَّانيُّ، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ هو متروك الحديث O‏.‏

1515- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا ابن صاعد ثنا عليُّ بن داود ثنا يزيد بن خالد بن موهب ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في الخيل والرَّقيق صدقةٌ، إِلا أنَّ في الرَّقيق صدقة الفطر‏"‏‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ 1516- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن يوسف أنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السَّمَّان عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر الخيل، فقال‏:‏ ‏"‏ورجلٌ ربطها تغنِّيًا وتعفُّفًا، ثُمَّ لم ينس حقَّ الله في رقابها، ولا ظهورها، فهي لذلك سترٌ‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وجواب هذا من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن يريد بالحقِّ‏:‏ إعارتها وحمل المنقطعين عليها، وذلك يكون على وجه النَّدب‏.‏

والثَّاني‏:‏ أن يكون ذلك قد كان واجبًا ثُمَّ نسخ، بدليل قوله‏:‏ ‏"‏عفوت لكم عن صدقة الخيل‏"‏، والعفو إنَّما يكون عن لازمٍ‏.‏

1517- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الخطيب‏:‏ أنا أبو محمَّد الخلال ثنا الحسن ابن العبَّاس بن الفضل الشِّيرازيُّ ثنا محمَّد بن عليّ بن مهران ثنا إسماعيل بن يحيى بن بحر الكرمانيُّ ثنا الليث بن حمَّاد الإصطخريُّ ثنا أبو يوسف عن غُورَك بن الخِضْرِم أبي عبد الله عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏في الخيل السَّائمة‏:‏ في كلِّ فرسٍ دينارٌ‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ تفرَّد به غورك عن جعفر، وهو ضعيفٌ جدًّا، ومن دونه ضعفاء‏.‏

مسألة ‏(‏317‏)‏‏:‏ لا تجب الزَّكاة في العوامل والمعلوفة‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ تجب‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 1518- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ حدَّثني ثمامة بن عبد الله أنَّ أنسًا حدَّثه أنَّ أبا بكر كتب له هذا الكتاب لَمَّا وجَّهه إلى البحرين‏:‏ هذه فريضة الصَّدقة التي قرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المسلمين، والَّتي أمر الله بها رسوله‏.‏

فذكر فيه‏:‏ وفي صدقة الغنم‏:‏ في سائمتها إذا كانت أربعون إلى عشرين ومائة شاةٌ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان‏.‏

فوجه الحجَّة‏:‏ أنَّه اعتبر السَّوم، فدلَّ على أنَّ عدمه يمنع الوجوب‏.‏

الحديث الثَّاني‏:‏ حديث عليّ عليه السَّلام‏:‏ ‏"‏ليس في العوامل صدقةٌ‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

1519- وقد روى الحارث عن عليّ عليه السَّلام عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏ليس في العوامل شيءٌ‏"‏‏.‏

إلا أنَّ الحارث كذَّابٌ‏.‏

ز‏:‏ قال أبو داود‏:‏ ثنا عبد الله بن محمَّد النُّفيليُّ ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن عليِّ- قال زهير‏:‏ أحسبه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال‏:‏ هاتوا ربع العشور، من كلِّ أربعين درهمًا درهمٌ

فذكر الحديث، وقال فيه‏:‏ وليس على العوامل شيءٌ‏.‏

وقال ابن القطََّان‏:‏ إسناده صحيحٌ‏.‏

قال‏:‏ ولم أعن إلا رواية عاصم، لا رواية الحارث O‏.‏

1520- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد بن سِمْعَان ثنا محمود بن محمَّد الواسطيُّ ثنا زكريا بن يحيى الواسطيُّ ثنا سوَّار عن ليث عن مجاهد وطاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في البقر العوامل صدقةٌ‏"‏‏.‏

ليثٌ ضعيفٌ، قال أحمد‏:‏ هو مضطرب الحديث، ولكن قد حدَّث عنه النَّاس‏.‏

وقد روي هذا الحديث من حديث غالب بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أنَّ غالبًا لا يعتمد عليه، قال يحيى‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

وقال الرَّازيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عبَّاس‏:‏ رواه أبو أحمد بن عَدِيّ عن محمود بن محمَّد الواسطيّ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ في إسناده ضعفٌ‏.‏

وسوَّار الرَّاوي عن ليث هو‏:‏ ابن مصعب، وقد تركه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم الرَّازيُّ والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهم‏.‏

1521- وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ ثنا أحمد بن الحسن الصُّوفيُّ ثنا إبراهيم بن موسى المروزيُّ ثنا محمَّد بن حمزة الرَّقِّيُّ عن غالب القطَّّان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في الإبل العوامل صدقةٌ‏"‏‏.‏

كذا قال‏:‏ ‏(‏غالب القطَّان‏)‏، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وهو عندي غالب ابن عبيد الله O‏.‏

1522- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسن بن أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن محمَّد بن إسحاق بن أبي مسلم ثنا محمَّد بن أبي موسى ثنا حجَّاج عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبي الزُّبير عن جابر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في المثير‏"‏ صدقة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث في إسناده ضعفٌ‏.‏

قاله البيهقيُّ، وقال‏:‏ والصَّحيح موقوفٌ‏.‏

1523- وروى من رواية ابن أبي مريم عن يحيى بن أيُّوب أنَّ خالد بن يزيد حدَّثه أنَّ أبا الزُّبير حدَّثه أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول‏:‏ ليس على مثير الأرض زكاةٌ‏.‏

قال‏:‏ وروي عن يحيى بن سعيد عن أبي الزُّبير بمعناه O‏.‏

مسألة ‏(‏318‏)‏‏:‏ لا يجب العشر فيما دون خمسة أوسق‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجب‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 1524- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا حمَّاد بن خالد ثنا عبد الله العمريُّ عن العلاء بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي سعيد قال‏:‏ قال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس فيما دون خمس ذودٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقةٌ‏"‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ لم يخرجه البخاريُّ ومسلم من رواية العمريِّ عن العلاء عن أبيه عن أبي سعيد، بل ولا أحدٌ من أصحاب السُّنن، إنَّما رواه الجماعة كلُّهم من حديث يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازنيِّ الأنصاريِّ المدنيِّ عن أبي سعيد، والله أعلم O‏.‏

1525- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا عليُّ بن إسحاق أنا ابن المبارك أنا معمر قال‏:‏ حدَّثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس ذودٍ صدقةٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا إسناد صحيح O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 1526- بما روى أبو مطيع البلخيُّ عن أبي حنيفة عن أبان بن أبي عيَّاش عن رجلٍ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏فيما سقت السَّماء العشر، وفيما سقي بنضحٍ أو غرب نصف العشر، في قليله وكثيره‏"‏‏.‏

وهذا إسنادٌ لا يساوي شيئًا‏.‏

أمَّا أبو مطيع‏:‏ فقال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أحمد‏:‏ لا ينبغي أن يروى عنه‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ تركوا حديثه‏.‏

وأمَّا أبان‏:‏ فكان شعبة يقول‏:‏ لأن أزني أحبُّ إليَّ من أن أحدِّث عنه‏!‏

مسألة ‏(‏319‏)‏‏:‏ لا يجب العشر في الخضراوات‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجب‏.‏

لنا أحاديث إلا أنَّ كلَّها ضعافٌ‏:‏

1527- الحديث الأوَّل‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا عليُّ بن خَشْرم ثنا عيسى ابن يونس عن الحسن عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن عبيد عن عيسى بن طلحة عن معاذ أنَّه كتب إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأله عن الخضراوات- وهي البقول- فقال‏:‏ ‏"‏ليس فيها شيءٌ‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ إسناد هذا الحديث ليس بصحيحٍ، وليس يصحُّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيءٌ، وإنَّما يروى هذا عن موسى بن طلحة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً‏.‏

ز‏:‏ الحسن هو‏:‏ ابن عمارة، وهو متروك الحديث، وقال التِّرمذيُّ‏:‏ هو ضعيفٌ عند أهل الحديث، ضعَّفه شعبة وغيره، وتركه عبد الله بن المبارك O‏.‏

1528- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أحمد بن الحارث البصريُّ ثنا الصَّقر بن حبيب قال‏:‏ سمعت أبا رجاء العطارديَّ يحدث عن ابن عبَّاس عن عليّ بن أبي طالب أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في الخضراوات صدقةٌ‏"‏‏.‏

الصَّقر ضعيفٌ، قال ابن حِبََان‏:‏ يأتي بالمقلوبات عن الثِّقات‏.‏

1529- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا أبو حامد محمَّد بن هارون الحضرميُّ ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريُّ ثنا عبد الرَّحمن بن عمرو عن الحارث بن نبهان عن عطاء بن السَّائب، قال‏:‏ وثنا أحمد بن محمَّد بن الجرَّاح ثنا عبد الله بن أحمد الدَّورقيُّ ثنا محمَّد ابن معاوية ثنا محمَّد بن جابر عن الأعمش، قال‏:‏ وثنا أبو طالب الحافظ ثنا محمَّد بن نصر بن حمَّاد ثنا أبي عن شعبة عن الحكم، كلُّهم عن موسى بن طلحة عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس في الخضراوات زكاةٌ‏"‏‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ الحارث بن نبهان لا يكتب حديثه، ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أحمد‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وعبد الرحمن بن عمرو متروك الحديث‏.‏

والصحيح أنه مرسلٌ عن موسى بن طلحة عن النبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال يحيى‏:‏ وأمَّا محمَّد بن جابر فليس بشيء‏.‏

وقال أحمد‏:‏ لا يحدِّث عنه إلا شرٌّ منه‏.‏

وأما نصر بن حماد‏:‏ فقال يحيى‏:‏ كذاب‏.‏

وقال يعقوب بن شيبة‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال مسلم بن الحجاج‏:‏ ذاهب الحديث‏.‏

ز‏:‏ 153- قال تمَّام في ‏"‏ فوائده ‏"‏‏:‏ أنا الميمون عبد الرحمن بن عبد الله ابن عمر بن راشد ثنا أبو محمَّد مضر بن محمَّد البغداديُّ ثنا أبو كامل الجَحْدَريُّ ثنا الحارث بن نبهان عن عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في الخضراوات صدقة‏"‏‏.‏

الحارث بن نبهان‏:‏ ضعَّفه جماعةٌ من الأئمة، وقد روى ابن عَدِيٍّ هذا الحديث في ترجمته عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن أبي كامل، وقال‏:‏ لا أعلم يرويه عن عطاء غير الحارث، وله أحاديث حسان، وهو ممن يكتب حديثه‏.‏

وقد سئل الدَّارَقُطْنِيُّ في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏ عن هذا الحديث، فقال‏:‏ اختلف فيه على موسى بن طلحة، فروي عن عطاء بن السَّائب‏:‏ فقال الحارث بن نبهان‏:‏ عن عطاء عن موسى بن طلحة عن أبيه‏.‏

وقال خالد الواسطيُّ‏:‏ عن عطاء عن موسى بن طلحة- مرسل- أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وروي عن الأعمش عن موسى بن طلحة عن أبيه‏.‏

ورواه الحكم بن عتيبة وعبد الملك بن عمير وعمرو بن عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل‏.‏

وقيل‏:‏ عن موسى بن طلحة عن عمر‏.‏

وقيل‏:‏ عن موسى بن طلحة عن أنس‏.‏

وقيل‏:‏ عن موسى بن طلحة مرسلٌ‏.‏

وأصحُّها كلُّها المرسل، والله أعلم O‏.‏

1531- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن أحمد بن أبي الثَّلج ثنا نصر بن عبد الملك السِّنْجَاريُّ ثنا مروان بن محمَّد السِّنْجَاريُّ ثنا جرير عن عطاء بن السَّائب عن موسى بن طلحة عن أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس في الخضروات صدقةٌ‏"‏‏.‏

قال ابن حِبَّان‏:‏ مروان بن محمَّد السنجَاريُّ لا يحلُّ الاحتجاج به‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ذاهب الحديث‏.‏

1532- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسن بن إسماعيل ثنا عبد الله بن شبيب قال‏:‏ حدَّثني عبد الجبَّار بن سعيد قال‏:‏ حدَّثني حاتم بن إسماعيل عن محمَّد بن أبي يحيى عن أبي كثير مولى ابن جحش عن محمَّد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه أمر معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ من كلِّ أربعن دينارًا دينارًا، وليس في الخضراوات صدقةٌ‏.‏

عبد الله بن شبيب‏:‏ ضعيفٌ جدًّا، قال ابن حِبَّان‏:‏ يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

1533- الحديث السَّادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا عليُّ بن أحمد بن الأزرق ثنا محمَّد بن محمَّد بن النَّفَّاح الباهليُّ ثنا يحيى بن المغيرة ثنا ابن نافع قال‏:‏ حدَّثني إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمِّه موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏فيما سقت السَّماء والبعل والسَّيل العشر ‏"‏ وفيما يسقى بالنَّضح نصف العشر، يكون ذلك في التَّمر والحنطة والحبوب، فأمَّا القثَّاء والبطِّيخ والرُّمان والقصب والخضر فعفوٌ عفا عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ابن نافع وإسحاق ضعيفان، قال يحيى بن سعيد‏:‏ إسحاق شبه لا شيء‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيءٍ، لا يكتب حديثه‏.‏

وقال أحمد والنَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ وصحَّحه، وهو حديثٌ ضعيفٌ‏.‏

وإسحاق‏:‏ تركه غير واحد‏.‏

وعبد الله بن نافع هو‏:‏ الصَّائغ، وهو صدوقٌ، في حفظه شيءٌ، وقد روى له مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

وزعم الحاكم ‏(‏أنَّ موسى بن طلحة تابعيٌّ كبيرٌ، لا ينكر أن يدرك أيَّام معاذ‏)‏، وفي قوله نظرٌ، وقد ذكر أبو زرعة أنَّ رواية موسى عن عمر مرسلةٌ، ومعاذ توفِّي في خلافة عمر، فرواية موسى عنه أولى بالإرسال، والله أعلم O‏.‏

1534- الحديث السَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن إسحاق بن وهب ثنا موسى بن إسحاق ثنا محمَّد بن عبيد المحاربيُّ ثنا صالح بن موسى عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاةٌ‏"‏‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ صالح بن موسى ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

1535- الحديث الثَّامن‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمَّد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهَّاب أنا هشام الدَّستوائيُّ عن عطاء بن السَّائب عن موسى بن طلحة أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يؤخذ من الخضروات صدقةٌ‏.‏

عبد الوهَّاب ضعيفٌ، والحديث مرسلٌ‏.‏

ز‏:‏ عبد الوهاب هو‏:‏ ابن عطاء الخفَّاف، وهو صدوقٌ، روى له مسلمٌ في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏

والحديث مرسلٌ حسنٌ‏.‏

وعطاء بن السَّائب‏:‏ وثَّقه الإمام أحمد وغيره، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ اختلط، ولا يحتجُّ من حديثه إلا بما رواه عنه الأكابر‏:‏ شعبة والثَّوريُّ ووهيب ونظراؤهم، وأمَّا ابن عليَّة والمتأخرون ففي حديثهم عنه نظرٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏320‏)‏‏:‏ لا يحتسب على صاحب الأرض بزكاة ما يأكله من الثَّمرة‏.‏

وقال أبو حنيفة والشَّافعيُّ‏:‏ يحتسب‏.‏

1536- قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود الطَّيالسيُّ أنا شعبة أنا خُبيب بن عبد الرَّحمن قال‏:‏ سمعت عبد الرَّحمن بن مسعود يقول‏:‏ جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا يحدِّث أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول‏:‏ ‏"‏إذا خَرصْتم فخذوا، ودعوا الثُّلث، فإن لم تدعوا الثُّلث فدعوا الرُّبع‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث‏:‏ الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ وأبو حاتم بن حِبَّان البستيُّ والحاكم أبو عبد الله وصحَّحه O‏.‏

مسألة ‏(‏321‏)‏‏:‏ يجب العشر في أرض الخراج‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجب‏.‏

1537- قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن الحسن ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا ابن وهبٍ قال‏:‏ حدَّثني يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه سنَّ فيما سقت السَّماء والعيون أو كان عثريًّا العشور، وفيما سُقي بالنَّضح نصف العشر‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ، وهو عامٌّ في الأرض الخراجيَّة وغيرها‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ العثريُّ‏:‏ الَّذي يؤتى بماء المطر إليه حتَّى يسقيه، وإنَّما سمِّي عثريًّا لأنَّهم يجعلون في مجرى السَّيل عاثورًا، فإذا صدمه الماء ترادّ فدخل في تلك المجاري، حتَّى يبلغ النَّخل ويسقيه‏.‏

أمَّا حجَّتهم‏:‏ 1538- فقال الخطيب‏:‏ أنا القاضي أبو الفرج محمَّد بن أحمد بن الحسن الشَّافعيُّ ثنا محمَّد بن حامد المعدّل ثنا محمَّد بن أحمد بن أبي مهزول المصيصيُّ ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا يحيى بن عنبسة ثنا أبو حنيفة عن حمَّاد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يجتمع على مؤمنٍ خراجٌ وعشرٌ‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ قال أبو حاتم بن حِبَّان الحافظ‏:‏ ليس هذا من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحيى بن عنبسة دجَّالٌ يضع الحديث، لا تحلُّ الرِّواية عنه‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ يحيى دجَّالٌ يضع الحديث، هو كَذِبٌ على أبي حنيفة ومن بعده إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال أبو أحمد بن عَدِيٍّ الحافظ‏:‏ لا يروي هذا الحديث غير يحيى بهذا الإسناد، وإنَّما يروى هذا من قول إبراهيم، ويحكيه أبو حنيفة عن حمَّاد عن إبراهيم من قوله، فجاء يحيى فوصله إلى النَّبيِّ صعلم، وأبطل فيه، ويحيى مكشوفُ الأمر، لرواياته عن الثِّقات الموضوعات‏.‏